اتصال عروس البحر الأحمر بالحضارات المجاورة جعلها مهدًا للفنون ومدرسة للمقامات والمذاهب الموسيقية، انطلقت إلى العالم من خلالها ألوان شعبية خاصة، ومغنون مخضرمون تذوقوا الفن على شواطئها، وصدحت شدو ألحانهم وأصواتهم في أبرز مسارح العالم، اشتهرت خاصة في الإيقاع متداخل الآلات الوترية، مثل: السمسمية وعائلة الناي، ومازالت ليالي عروس البحر الأحمر غنية بالفن ومبتهجة بالموسيقى.
من ساحل الحجاز حيث مدينة جدة، انتشر " المقام الحجازي " أساس معظم المقامات الموسيقية وأعرقها، وبرز في منطقة الشرق الأوسط ضمن أعمال ملحنين كبار، هذا الاستباق باسم الحجاز كان ملحوقًا بفنانين عظماء مثل "طلال مداح" و" محمد عبده" وآخرون نشأوا في جدة على مدارس موسيقية متعددة، عُرفت من خلالهم الكثير من الألوان الشعبية المحلية، مثل: المجرور والخبيتي، والبحري وأمسيات الينبعاوي.
قدم الكثير من الفنانين المحليين الألوان الحجازية في أغانيهم، أسهم ذلك بامتداد الفن الحجازي للخليج والعالم، ومن ذلك "المزمار"، هذا الإرث العالمي الذي يصعب نسيانه، وهو رقصة شعبية تصاحبها أهازيج بطولاتٍ وفخر، وقد سُجل في "منظمة اليونسكو للتراث الثقافي"، إذ أحيا ليالي رائعة بهيجة في جدة محفورة في الأذهان، ويمكنك مشاهدة "لعب المزمار" التي تقدمها الفرق الشعبية في ساحات مختارة كجدة التاريخية.
تُقابل هذه المراكز والمعاهد الأجيال الجديدة من محبي الفنون، وزوار المدينة في مساحات فنية مستمرة ورائعة:
لأن الفنون نافذة على حضارات الشعوب التي سكنت هنا، ولأهمية ما تنقله من حسّ فني وأخلاقي، حفز ذلك مدينة جدة للاهتمام بتاريخ الغناء والأهازيج ودراسة الموسيقى.
أدخلت أول مدرسة في جدة حصص الموسيقى والمسرح سنة 1960 م، على يد "محمد فدا" المدير الأسبق لمدرسة "الثغر النموذجية".
كانت هناك ليالي معروفة يجتمع فيها رواد الفن المحلي لمشاركة الفنون الأصيلة في الصالونات الأدبية، مثل: "صالون الفن"، الذي أنشأه في جدة الموسيقار والشاعر السعودي" جميل محمود" عام 1412هـ، ولا يزال مستمرًا في عطائه حتى هذا اليوم، بأدوات فريدة وأداء خلاب يذهل الزوار.